ابراهيم الكاشف











ودمدني كانت أيام جميلة
ابراهيم الكاشف
===================


في مدينة ودمدني تقاطع شارع البحيرية مع شارع سنكات جبرونا وفي المنزل والذي يجلس في الجهة الشرقية  منه محمد عوض  بتاع  الطعمية والان ابنه التاج طعمية في هذا المنزل نشاء وتربي ابراهيم محمد احمد الكاشف مع جده لامه محمد علي كاشف وهو الذي استمد منه لقب الكاشف .
في هذا المكان في فترة لاحقة تم تكريم الكاشف بان شدا الفنان صديق سرحان والفرقة الموسيقية وعلي الشارع في ذكري الفنان القامة وتم بث هذا الاحتفال علي شاشة التلفزيون  - وكرمت ودمدني الكاشف بان اطلقت اسمه علي الشارع من السينما الوطنية وحتي المستشفي وهذا الشارع موازي لشارع اتجاه واحد .
من اهله  حمد النيل الكاشف ويسكن بهذا المنزل في فريق البحيرية وكذلك محمود الكاشف  وله لوري تراب شهير ويسكن بحي الدرجة جوار بقالة رؤوف وقصاد منزل احمد عبد اللطيف – وبالقرب من  الادارة المركزية يسكن  قريبه  الريح محمد محمود الكاشف والد عادل الريح لاعب سيد الاتيام وعثمان محمد مجمود الكاشف وهناك ايضا حيدر الكاشف في مرنجان عووضة والد بازنقا لاعب النجوم المعروف وعبد المحسن تتن وآل الكاشف عندهم نسب مع البحيرية كذلك نذكر الاخ ابو الاقوان خاله الفنان الكاشف  والذي يردد اغاني خاله في الكثير من المناسبات وابو الاقوان والدهم عمنا محمود  اسماعيل صاحب البقالة الشهيرة والمنظمة والمرتبة في عرض فريد في ذلك الزمان البعيد مستخدما فن التسويق في عرض منتجاتها  وهذه البقالة كانت في دكاكين جامع البوشي - كذلك من ابناء عمنا محمود  اسماعيل ضابط الامن في زمن نميري  والقنصل  بسفارة السودان بالقاهرة في فترة السبعينات المرحوم محرم واخوانه منهم لاعب النجوم شانتير وتتمدد العائلة لتشمل ال مولانا ابو قناية وال اسماعيل زهير  .
كانت حياة الفنان الكاشف  بين مدينة ودمدني ومدينة المسلمية والتي كانت في ذلك الزمان مدينة تجارية ومركز معروفا استقرت عائلته القادمة من شبه جزيرة سينا بشرق مصر بتلك الناحية ولكن بعد وفاة والده قام بتربيته جده لامه واستقر بمدينة ودمدني وتم الحاقه بمدرسة البندر الاولية ودرس بها حتى الصف الثالث وهجر التعليم واتجه الي مهنة النجارة وهو لايكاد يفك الخط وهكذا نشاء لايعرف القرائة ولا الكتابة .
شائت الاقدار ان يلتقي بشاعر من نفس البئة والمدينة وهو كذلك شاعر امي ايضا وكان التلاقي في فترة كان فيها الثلاثي كرومة وسرور والامين برهان هم المطربين الذين كانوا ملئ  السمع والبصر وظهر بعدهم خليل فرح وبدأت حقبة غناء الحقيبة .
وكان ابراهيم الكاشف يردد غناء الحقيبة حتى نظم له الشاعر علي المساح اول اغنية خاصة به وهي مجاراة لقصيدة للشاعر سيد عبد العزيز وهي اغنية  زمانك والهوى أعوانك .
ثم أنفرد الكاشف بلحنين صارا فيما بعد من أشهر ألحانه بل من أشهر الألحان السودانية وهما : (الشأغلين فؤادي) ( وأنت بدر السماء ).... وهما أيضاً من كلمات علي المساح .وهكذا أصبح هناك مطرب ذو شخصية هو الفنان  إبراهيم الكاشف .
اعتمد الفنان ابراهيم الكاشف علي قوة صوته والذي ساعده كثيرا وخاصة في الجمل الطويلة وتراه يرددها  بدون أي مجهود ولايظهر عليه أي تعب كما اعتمد في كثير من اغانيه علي مشاركة الجمهور فتراه يترك مساحة للجمهور لكي يردد معه  الغناء
في اواخر الثلاثينات  انتقل النجار الفنان الي الخرطوم لانفتاح السوق في العاصمة وسكن في الخرطوم وصار لقبه بين سكانها ابراهيم ودمدني وانتقل في فترة لاحقة الي امدرمان وسكن بها .
في الثلاثينات زارت فرقة نجيب الريحاني وتحية كاريوكا السودان ومن ضمن المدن زارت ودمدني واحيت ليلة ثقافية من خلال هذه الليلة طالب الجمهور باشراك ابن مدينتهم معهم في الغناء  فكان ان اجري الكاشف بروفة سريعة مع الفرقة الموسيقية وشارك بالغناء مع الالات الموسيقية فكانت هذه نقلة من الغناء مع الكورس او الشيالين الي الغناء بالاوركسترا فكان هذا شيئا جديدا لم يعهده الجمهور السوداني وكان الكاشف قد بداء هذه التجربة في القاهرة في حديقة سينما النصر برعاية الفنانة تحية كاريوكا اذ كان تربطه بها صداقة استغل هذه الصداقة في الترويج الي حفلاته بالقاهرة .
مثلما كان التيجاني يوسف بشير أساس التجديد في القصيدة السودانية ، كما كان محمد بشير عتيق جسراً انتقلت عليه القصيدة الغنائية من عصر إلى عصر فإن إبراهيم الكاشف كان هو الذي انتقل باللحن السوداني من عصر الحقيبة إلى العصر الحديث ... وكان بحق أستاذ التجديد في مجال اللحن الغنائي وأثر الكاشف في الغناء الحديث يعادل أثر كرومه في الغناء القديم .
ارتبط الفنان ابراهيم الكاشف كثيرا بقاهرة المعز والكثير من اغانيه سجلها علي اسطوانات بالقاهرة كما كانت اذاعة ركن السودان مقصده وسجل بها الكثير من الاغاني وخاصة اغنية يا صغير عندما رفضت الاذاعة السودانية تسجيلها في تلك الفترة وتلقتها في فترة وزير الاعلام الاذاعي القامة محمد خوجلي صالحين كهدية منها للاذاعة السودانية .
ظهر اسلوب الكاشف في المزج بين الالحان القديمة والجديدة فكان اللحن يعبر عن الاحساس وليس المعاني للاغنية وظهرت هذه بوضوح في لحنين يؤرخ بهما لتطور الغناء السوداني (( الليل ما بنومه )) لعبيد عبد الرحمن ( وفي الشاطئ ) لسيد عبد العزيز .... وفي الأغنيتين بدأت بوضوح ملامح الأسلوب الجديد للفنان إبراهيم الكاشف .
وهو أول من وضع المقدمة الموسيقية لأغانيه وهو تمهيد للمطرب قبل الغناء وأشهر مقدمات إبراهيم الكاشف هي مقدمة أغنية ( رحلة ) .
يرجع الفضل الأول في تكوين رابطة الفنانين السودانيين في مطلع الخمسينات يعود للفنان إبراهيم الكاشف الذي طرح فكرة الرابطة وعمل ليل نهار حتى أصبحت حقيقة واقعة وتطورت فيما بعد لتصبح نقابة للفنانين .
 والسبب الرئيسي الذي دفع إبراهيم الكاشف لإنشاء الرابطة هو نظام الأجور وفرص الغناء في الإذاعة فقد كان مطربوا الدرجة الأولى أحمد المصطفى والكاشف وعثمان حسين وعثمان الشفيع وحسن عطية يتقاضون خمسة جنيهات نظير الحفلة الغنائية المذاعة على الهواء من الإذاعة وكانت الحفلة تستغرق عادة ما بين ربع الساعة وثلث الساعة وكانت أجور مطربي الدرجة الثانية والثالثة أقل من خمسة جنيهات وقد كان أول عمل لرابطة الفنانين هو المطالبة بتعديل أجور الحفلات وأجر تسجيل الأسطوانات وقد نشبت معركة بين الرابطة وبين مدير الإذاعة في ذلك الوقت متولي عيد وصلت قمتها بإضراب الفنانين الشهير الذي قاده إبراهيم الكاشف وهو الاضراب الفريد من نوعه حيث أعلن أعضاء الرابطة جميعاً عدم الغناء في حفلات الإذاعة التي تقدم على الهواء مباشرة ... وقد رد متولي عيد على هذا الموقف بأن أوقف اسطوانات المطربين ومنع إذاعتها وفي نفس الوقت فتح الباب لعشرات الأصوات الجديدة لتملأ الفراغ الناجم عن الإضراب ومعظم هذه الأصوات لم يحقق نجاحاً يذكر ولم يبق منها غير صوتين فقط :  (محجوب عثمان ورمضان حسن  (فقد حقق محجوب ورمضان نجاحاً منذ الوهلة الأولى أتاح لهما الاستمرار والبقاء في عالم الغناء السوداني وكلاهما من مدينة ود مدني مسقط رأس الكاشف ارض الابداع  .
وعلى مسارح ودمدني  تغنى إبراهيم الكاشف وقد صاحبته فرقة موسيقية مكتملة، كأول أوركسترا سودانية، وكان من بين العازفين المهندسون: محمود جادين، عثمان أبو بكر رجب، عبد الرحمن أحمد عساكر (والد البروفيسور عصام البوشي وأخوانه) وعالم الكونيات والفلك الأستاذ الأمين محمد أحمد كعورة وغيرهم .
كانت علاقته وثيقة  بالأستاذ خالد ابو الروس الشاعر والمسرحي في تلك الرائعه(صابحني دائماً وإبتسم) والتي كم شهدنا مطربنا عبدالعزيز المبارك يبدع في ادائها فيما بعد0
وكان الكاشف صديقا لي  شعراء الأغاني عبيد عبد الرحمن وسيد عبد العزيز وإبراهيم العبادي وعمر البنا، رحمهم الله جميعاً...
التقي مع الشاعر السر قدور في الكثير من الاعمال ولعل اشهرها اغنية الشوق والريد واغنية ياصغير والنشيد الوطني انا افريقي انا سوداني .
كان للكاشف معرضا للنجارة بعمارة جامع فاروق بالخرطوم وهذا يبن عدم تخليه عن مهنته الاصلية .
في شهر تسعة سنة 1969 م ودع البلبل الغريد الدنيا وفي يوم تشيعه وفي المقابر في امدرمان مقابر احمد شرفي  صدح صوت باغنية كانت لحنا جنائزيا في ذلك الموقف الفنان الكحلاوي  يشدو ) وداعا روضتي الغناء وداعا معبدي القدسي ) فسالت الدموع انهار تبكي مجدد الاغنية السودانية وناقلها من عصر الحقيبة الي العصر الحديث  .
في فترة التسعينات اخذ ابن قرية سرحان بالجزيرة الفنان صديق سرحان يردد اغاني البلبل المغرد فنفض عنها غبار السنين وجدد في شبابها خاصة انه لاتوجد للفنان الكاشف اغنيات مصورة في مكتبة التلفزيون .
 الكل يذكر ذلك الموقف والفنان صديق سرحان وهو يعتلي خشبة مسرح الجزيرة بودمدني في مهرجان الإبداع الثقافي الذي أُقيم في عام 1995م والذي حضره كل أهل السياسة وأهل الفن  من الخرطوم حينما كان يؤدي سرحان أنشودة (أنا إفريقي 00أنا سوداني) ووقف الجمهور كله يصفق وينفعل معه ، وفي تلك اللحظات يفاجَأ الجمهور بصعود الراحل أحمد المصطفي- الذي جيء به من الخرطوم وهو كان يعاني من الشلل - إلي خشبة المسرح مع صديق سرحان وقد كان متأثراً ومنفعلاً بأداء النشيد  والذي  أعاد ذاكرته إلي أيام الكاشف والذكريات الطيبة حينما كانا يعطران سماء السودان سوياً بأعذب الألحان، فكان موقفاً مؤثراً في تلك اللحظات،وبكي معظم جمهور المسرح والفنانون المشاركون ، تأثراً بهذا المشهد .

 رحم الله الكاشف قيثارة الفن السوداني وابن سيدة المدائن منبع الثقافة والفن والسياسة والرياضة مدينة الحب والجمال ودمدني السني .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عائلة النويري

عائلة الحضري

عائلة الكارب