البصات السفرية
ودمدني كانت أيام جميلة
البصات السفرية
====================
في امتداد المناقل وفي اوائل الستينات من القرن الماضي رن جرس التلفون صباحا في مكتب الطائف التابع لقسم ودالمنسي امتداد المناقل المتحث من الطرف الاخر العم يوسف عامر تاجر القماش الشهير في سوق ودمدني وهو يهاتف اخ زوجته ابراهيم حسين والدي - بان الحاج ود البشير ( استاذ الحاج ظريف من ظرفاء ودمدني منزلهم بالقرب من دكان النجار والفنان احمد شبك بحي المدنيين والبرهاني الشهير ) ابن اخته سوف يصل الي 24 عبود بالبص السريع في تمام الساعة الثالثة عصرا .
في المكان والميعاد وصل البص السريع او بص الخواجة ذو اللون الاحمر ماركة الفيات طبعا مواعيد خواجات لانه بص اسمه بص الخواجة .
يتحرك هذا البص من ودمدني علي شاطئ النيل الازرق ويتجه غربا عبر سهل الجزيرة المنبسط في طريق ترابي طويل مارا بالمناقل و24 عبود كان اسمها كذلك قبل ثورة اكتوبر ومن ثم تغير الاسم الي 24 القرشي مختتما الرحلة في مدينة الدويم علي النيل الابيض والمواعيد في كل هذه المحطات تظبط عليها ساعتك .
البص السريع او بص الخواجة كان ايضا له خط مدني الخرطوم في طريق ترابي غير معبد لم يكن الاقبال عليه كثيرا لطول زمن الرحلة وكون انها غير مريحة - من الاشياء الاساسية والتي كان يحضرها البص السريع هي الجرائد لمكتبة عيسي عبدالله .
كان يوجد بديل مريح في ذلك الزمان الستينات طائرة تقلع وتهبط في مدرج مطار ودمدني طائرة فوكرز ذات المرواح تقطع تلك المسافة في اقل من نصف ساعة وبمبلغ نحو ثلاثة جنيهات .
عن طريق هذا المطار حضرت الملك اليزابيث ملكة انجلترا في اواسط الستيانات واذكر ونحن اطفال قد اصطفينا علي جنبات الشوارع استقبالا لها كذلك اتذكر حضر ايضا عن طريقه الملك فيصل ملك السعودية كان مطارا صغيرا ولكنه كان يفي بالغرض في ذلك الزمان الجميل .
وسيلة السفر الاكثر استعمالا وكانت رخيصة ومريحة قطار المحلي والذي يتحرك من ودمدني والي الخرطوم به جميع الدرجات من النوم والي الدرجة الرابعة وهي اخر درجة في تسلسل درجات القطار – النوم تلك العربات الفخمة مكونة من سريرين وبهم اثنان من فوقهم ومراوح لتلطيف الجو ومنتهى النظافة والترتيب .
مصلحة المرطبات كانت تدير بوفيهات القطارات او مايعرف بالسناطور اكل فنادق خمسة نجوم وكل مايرتبط به من عصائر تاكل في القطار اكل نظيف وراقي كنا نشاهد مثله في السينما .
اتذكر القطارات كانت بها مجموعة من الازيار لزوم الماء البارد وهي ازيار مستوردة ومتعاقد عليها من هيئة السكك الحديدية تجلب هذه الازيار من محافظة قنا في صعيد مصر وكان لونها من درجات اللون البيج .
قطار الوحدة السريع عمل لفترة قصيرة وكان سريعا مقارنة بالبصات في تلك الفترة ولكن التجربة لم تستمر طويلا .
المعونة الامريكية الكثير منا قد راى صورة اليدين المتشابكتين عنوان للصداقة والتعاون – في ظل حكومة الرئيس عبود تم توقيع اتفاق مع الحكومة الامريكية تم بموجبه التكفل بانشاء طريق مدني الخرطوم او في ماعرف بالمعونة الامريكية في ذلك الزمان – اذكر في فترة ماء سيارات اللاندرفور التابعة لمشروع الجزيرة كان يطلق عليها اسم المعونة كون انها اتت عن طريق المعونة الامريكية .
بقيام شارع الاسفلت انطلقت حركة السير على هذا الشارع والتي احدثت نقلة نوعية في وسائل النقل وفي المدن والقرى والتي يمر بها الشارع .
بداءت حقبة حكم الرئيس نميري الاولى على احسن مايكون فترة ثورية ضد الجهل والمرض والعطش على حسب الشعارات المرفوعة في تلك الحقبة .
بداء النميري يرخي اذنيه للمحيطين به من تنابلة السلطانوبدأت مرحلة التاميم بداء بالتجار والسينمات والمواصلات كان من اول المتاثرين بهوجة التاميم البص السريع او بص الخواجة فسمي بمؤسسة النقل الوطنية فانتهى عصر جميل وساد عصر المجاملات والبروقراطية وتدهورت تلك الخدمة الجملية وبصات القيات الحمراء اللون وظهرت بصات بديلة كبيرة الحجم وبطيئة السرعة فانصرف الناس عنها الي البصات الصناعة المحلية .
اشترى طه حسن ابراهيم بصات ماركه فيات اطلق عليها اسم الصاروخ المشوار بين مدنى والخرطوم كان ٤ ساعات فى موسم الشتاء ولكن فى الخريف كانت فوق السته ساعات حيثالسائقى البارعين والموهلين كانوا يسوقوا بجانب الترعه الرئيسيه٠ واذكر منهم العم عوض البدرى كان انسان ضخم البنيه ٠ والموقف بتاع البصات كان شمال طرمبه احمد عبد اللطيف وجنوب جامع الصائم اى بين شارع حى الموظفين وشارع اتجاه واحد –
كان مع بصات الصاروخ ومن قبلها تقريبا بصات فيات صاحبها حامد حسن بشير وكان يطلق عليها الاكسبرس وموقفها كان في منطقة جامع الصائم الان وبجوارها كشك اذكر صاحبه يسمى كباشي رجل ضخم الجسم
زمان كان يقال سعدابي الطيب دقا ليك بص بمعنى عمل ليك صندوق بص على هيكل البدفورد او الاوستن – فظهرت بصات الركبي والندى والنصر وكثرت الحوادث لازدحام الشارعوردائة البصات والسرعة الزائدة كل هذه العوامل اظهرت اسم شارع الموت علي طريق الخرطوم مدني .
عدد اثنان بص واقفة امام كشك فارس ود اب لبدة كنا بنسال حقت منو دي كانت الاجابة ديل رسلهم ابوالزقي ود ناس سيد اخو ابو جرفل وسيف الدلوكة وعبد الباقي ومحمد ابورقعة وخالابوقدوم وابارو – نقيف عند محمد سيد زوجته ابنة سمير صالح فهمي سمارة ماشي وتربطها مع زوجتي صداقة حميمة بسبب القرب من السكن لهم التحية عائلة سمارة ماشي .
في يوم عند الصباح لم نجد البصات واقفة في مكانها اين ذهبت وبالسؤال اتضح انها بيعت الي العم عبد العزيز عبد القادر (عزوز ) .
شارع اتجاه واحد وبالقرب من المكان الذي كان موسى الثعلب يقيم فيه دلالته الشهيرة وفي دكان من طابقين لبيع الاواني المنزلية كان هنا عمنا عزوز يزوال تجارته .
طرق عمنا عزوز مجال البصات السفرية وتخصص في خدمة ناس مدني اكرر في خدمة ناس مدني بتسييره لبصات في البكور مدني الخرطوم خدمة لكثير من مواطني ودمدني والذين لهم مراجعات للدوائر الحكومية او لقضاء اعمال خاصة يتوجب عليهم الحضور مبكرا للخرطوم .
يبداء البص رحلته قبل الفجر من القراش بمارنجان مرورا بشارع بركات وحتى برج الجزيرة الحالي وشارع الادارة المركزية وحتي السوق الجديد وموقف المواصلات في هذه الرحلة الصباحية يتوقف في الطريق لكي يركب الكثير من الناس هم نواة رحلة الخرطوم والتي سوف يتحرك لها البص .
وصل ذلك الشاب الضخم الجسم والقصير القامة والابيض اللون يركب عجلة وقام بفتح مكتب مواصلات عزوز وبداء في بيع التذاكر للمسافرين .
وصل عمك عزوز بعد ادائه لصلاة الصبح في المسجد القريب من مسكنه وهو يحمل سبحته وتبدو علامات الوقار والصلاح بادية على وجهه .
مع خيوط الفجر الاولى بداءت الحياة تدب في موقف المواصلات وفاحت رائحة الشاي المقنن واللقيمات لابد من كباية شاي مدنكلة قبل تحرك البص .
هذه الرحلة بالنسبة لي قد تتكرر مرتان او اكثر لزوم المصاريف من اخي محي الدين والذي يملك معملا للتحاليل الطبية بشارع مستشفي الخرطوم قبالة المشرحة اركب الحافلات من السوق الشعبي وانزل في شارع القصر بالقرب من فندق مريديان استلم المصاريف من اخي محي الدين ابراهيم حسين المصاريف لوالده ولعموم الاسرة فتح الله عليه بالذرية الصالحة برا لوالديه بنتان وثلاثة اولاد كلهم اطباء هذا هو الغرس الطيب .
بالقرب من معمل اخي يوجد ابو العباس صاحب ساندوتشات الفول الشهيرة رجوعا للموقف بنفس الطريق لكي الحق ببص عزوز وهو في رحلة عودته الى ودمدني نفس البص والذي اتيت بهللخرطوم .
الساعة الحادية عشر والنصف انا في ودمدني والتي لم اطيق فراقها فرجعت اليها في زمن قياسي .
مواصلات الجزيرة بصاتها كانت تجوب كل الولايات المجاورة للجزيرة في رحلات منتظمة غطت تقريبا كل المدن الرئيسية في تلك المحافظات .
شراكة ثلاثية بين الولاية الوسطي ومحافظة الجزيرة وبنك الادخار كان ثمارها تلك الشركة العملاقة والتي شهدنا قيامها ونهضتها ومن ثم شهنا ضمورها وتلاشيها انتهت وهي ليس احسن من غيرها انهار مشروع الجزيرة العملاق سوء ادارة ترهل وظيفي ارتفاع تكلفة التشغيل انهيار العملة السودانية مقابل العملات الاخرى مما ادى الي ارتفاع اسعار قطع الغيار لهذه البصات امهي ايادي خفية تغتال كل ماهو جميل في ودمدني عوامل كثيرة تكالبت عليها مواصلات الجزيرة حتى صارت نسيا منسيا
كمية ضخمة من البصات من شركة رينو الفرنسية مع ورش صيانة جاهزة ثابتة ومتنقله مجهزة بكل شئ ودورات تدريبية للفنيين العاملين في فرنسا
من الفنيين الذين اوفدتهم الشركة لفرنسا كان الاخوان محمد الفاتح محجوب (دقوشة) الحكم الشهير بالاضافة لمحجوب وداعة
وقطعة ارض ضخمة في مدخل مدينة ودمدني .
بصات الرينو التابعة لمواصلات الجزيرة كانت نوعين النوع الاول كراسيه كانت له مساند للراس والظهر والنوع الثاني بدون مساند للراس يطلق عليه القشاش كان يقيف في الشارع ليركب كل شخص .
خلف دار الرياضة وفي الموقف كان لمواصلات الجزيرة مكاتب مع البصات الاخري ويوجد لها مكاتب اخري شرق المكاتب الرئيسية تسمي البصات القشاش وطريقها الاكثر شهرة هو خطسنار .
ظهر في تلك الفترة بصات التيسير وبصات سوجبت من الشركات الكبيرة .
ثم بداء ظهور البصات الخردة والمستوردة من اروبا وعليها تلك الكتابات باللغة الالمانية والهولندية او بصات القرب كما كان يطلق عليها – كثيرة الاعطال علي الطريق وانت تراها تشاهد الباب الخلفي للباص والذي يحوي الماكينة مفتوح دائما .
في الفترة الاخيرة ظهرت الكثير من الشركات والتي تدير مجموعة كبيرة من البصات اكيد الكثيرون منكم قد شهاهدها وركب فيها في هذا الزمان .
تعليقات
إرسال تعليق