العم موسى والسينما المتجولة
ودمدني كانت أيام جميلة
العم موسى والسينما المتجولة
========================
في بداية الستينات من القرن الماضي كنا نسمع عند العصر خبر يقول ان اليوم السينما المتجولة في النجايل وبالتحديد في النجيلة والتي يقع فيها منزل العم موسى المنيسي .
في تلك الفترة المبكرة من حياتنا لم تكن هنالك وسائل ترفيه كثيرة مثلما يتوفر الان عدد اثنان سينما في ودمدني كنا نذهب اليهما مع الاهل في مواسم الاعياد وذلك لصغر عمرنا في تلك الفترة .
أنها فرصة ترفيه مجانية وغير محرمة علينا لانها تحت نظر الاهل وقريبة من المنزل .
حضرت العربة الكومر والتي يقودها العم موسى والذي يلبس البدلة السفاري ذات اللون الرمادي وهو يملاء هذه البدلة بجسمه الضخم .
واخذت عربة السينما المتجولة موقعها في قلب النجيلة المذكورة وبدأ العم موسى في تجهيز الشاشة وماكينة العرض ومصدر الكهرباء لتشغيل الماكينة كل هذه المعدات موجودة داخل هذه العربة الكبيرة والتي بها صندوق ضخم صار جزء منها وهي كلها باللون الرمادي وتلك المايكرفونات ام بوز طويل والتي دائما تكون مربوطة علي سطح هذه العربة الشهيرة والمكتوب عليجنباتها وزارة الاستعلامات والعمل .
متى تمغرب الواطه وتشتغل هذه الماكينة العجيبة لنمتع نظرنا بتلك الافلام القصيرة المضحكة .
أذن المغرب وصلى الناس ودخل الليل دور العم موسى ماكينة السينما وظهر المنظر الاول شخص يقود عربة من نوع بيبي ويوقفها ويذهب لقضاء مصلحة له يظهر العم تور الجر ومعه ابنهالبعيو وهم يركبون حماربمجرد الناس ماشافت البعيو انفجروا بالضحك لقصره ولي شي غريب لم يشاهدوه كثيرا .
ربط تور الجر الحمار في صدام العربة الخلفي وذهب الي قضاء الشئ والذي اتى من اجله الي السوق حضر صاحب العربة وتحرك بها وهو لايدري ان الحمار مربوط فيها كنا نصيح هويااقيف يا سيد العربية الحمار مربوط في عربيتك والفيلم شغال وكان يتخيل لنا ان سيد العربية سوف يسمعنا كان صغر وجهل وعلى حسب فكرنا البسيط .
هذا اليوم يعتبر عيد بالنسبة لنا ويظل محفور في اذهاننا وهو له اكثر من نصف قرن من الزمان .
في ذلك الزمان البعيد يوجد اهتمام بالانسان تثقيفه والترفيه عنه من قبل الدولة بدون مقابل وبدون رسوم ولامحليات ولا وجع دماغ تنمية البشر هي المقصد فتربى جيل على حب الوطن جيل متفتح على كل الثقافات والتي ينهل منها عن طريق الكتب والدوريات والتي كانت متوفرة وبأرخص الاسعار فظهر في تلك الفترة الكتاب والشعراء فكانت الثقافة والفن والكرة هي الرائدة منودمدني ينتشر شعاعها ليعم كل السودان .
في نهاية شهر شعبان من كل عام تبدأ حركة غير عادية في ميدان الملك كما كان يطلق عليه سابقا او ميدان الحرية او ميدان نادي الاتحاد تركب الصواري الكبيرة من الخشب ويرفرف فياعلاها تلك الاعلام ذات الالون المختلفة ويأخذ عمنا موسى موقعه وبعربته في الجانب الجنوبي من الميدان وركب المكرفونات الطويلة علي صواري من الخشب الطويل وهى تغطي الاتجاهات الاربعة ونصب ذلك المسرح الكبير وتبرع العم طه الرفاعي بالكراسي المصنوعة من الصاج ليجلس عليها رواد الواعظ في ليالي شهر رمضان المعظم .
درجت الشئون الدينية في كل عام وفي شهر رمضان على توفير خطيب ديني كنا نطلق عليه الواعظ ومعه قارئي للقران ويتم توفيرهم من جمهورية مصر .
ونحن صغار بعد صلاة العشاء في جامع الحكومة تأخذ جدتي المصلايه حقتها ومعها كورة فيها بليلة وتمر وتشد الرحال الي ميدان الملك لحضور والاستماع الي تلك الخطب الدينية مع صديقاتها والاستمتاع بأكل البليلة والتمر وقضاء سهرة دينية لاتتجاوز فيها تلك الجلسة الساعة العاشرة مساء وعمنا موسى جالس يوزن في صوت المايكرفونات ويمنع ذلك الصفير من الظهور .
تظل عربة عمنا موسى قابعة في ميدان الملك طوال شهر رمضان واول يوم في العيد لنقل صلاة العيد والتكبيرات الخاصة بهذه الصلاة كنا نسمعها اول ايام العيد في الصباح الباكر الله اكبر الله اكبر لااله الا الله الله اكبر ولله الحمد فنصحوا سريعا ونتجهز للصلاة ونلبس ملابسنا الجديد ونتجه الي ميدان الملك لاداء صلاة العيد ولاننسي المصلاية والتي تكون معنا نذهب من شارع فريق الحمر ونرجع من الشارع خلف البلدية اقتداء بالسنة النبوية الشريفة.
بعد الصلاة يحرك العم موسى العربة الشهيرة من مكانها والذي ظلت فيه طوال شهر رمضان ويوقفها امام وزارة الاعلام ليبدأ بعد عطلة العيد الطواف علي الاحياء والقرى ترفيها عن الانسانوالذي كانت له قيمة في ذلك الزمان الجميل .
العم موسى فضل المولي سائق عربة السينما المتجولة الكومر ومشغل السينما من سكان حي دردق له بنت وحيده اسمها اسماء موسي وتزوجت من جعفر محمود حكم سابق وموظف بالبحوث الزراعيه وله منها ثلاثه اولاد محمد وحسام ومحمود. .
توفي موسي فضل المولي عام1992م وكانت قد بترت رجله بمرض السكري.
له الرحمة والمغفرة لقد أسعدنا ونحن صغار.
تعليقات
إرسال تعليق